الجولة الخامسة: الليالي البيضاء في سانت بطرسبورغ

يعتبر الجزء القديم لمدينة بطرسبورغ بحد ذاته متحفا للفن المعماري. لقد بنيت المدينة منذ تاسيسها قبل اكثر من 300 سنة لتكون احدى اجمل مدن اوروبا. لذا فأن مباني المدينة القديمة تبهر العين بجمالها ورونقها وفنها المعماري الذي يصعب مشاهدة مثيل له بهذا الحجم في مدينة ثانية.     شاهد الفيديو...

سنحاول هنا وصف بعض القصور القديمة الموجودة في المدينة والتي تستخدم حاليا اما كمتاحف او كمؤسسات حكومية او ماشابه ذلك.

1 – قصر انيتشكوف – استمر بناء هذا القصر من عام 1741 لغاية عام 1751 . يقع القصر على ضفة قناة فونتانكا بالقرب من نهر نيفا وهو مشيد على طراز الباروكو المتقدم. يشبه شكل القصر من الاعلى حرف " H " الانجليزي. والمبنى الوسطي له يتكون من 3 طوابق يتضمن قاعة كبيرة فيها ثريتان مرتبطة بجناحين متكونين من 3 طوابق ايضا. يغطي المبنى سقف مضلع. واجهة القصر الرئيسية تطل على قناة فانتانكا حيث يقع هنا فناء الاستقبال ومسبح متصل بقناة فانتانكا. اما الواجهة المقابلة فتطل على الحديقة المنتظمة. يتضمن الطابقان الثاني والثالث للجناح الجانبي للقصر كنيسة بيتية زخرفت جدرانها الداخلية ونقشت برسوم وايقونات كثيرة حتى ان ارتفاع الفاصل الايقوني المذهب يصل الى 11 مترا.

في بداية القرن الـ 19 ظهرت في القصر تصاميم وديكورات جديدة وتعتبر القاعة البيضاء اهمها التي تنقسم جدرانها العرضية الى اعمدة اغريقية ثنائية. لقد بقيت هذه القاعة وقاعة الاعمدة الصفراء حتى يومنا هذا على وضعها الاولي.

اتخذ الامبراطور الكسندر الثالث هذا القصر مقرا له حيث غطيت جدران القصر الداخلية بلوحات فنية لرسامين روس واوروبيين. في نهاية القرن الـ 19 وبداية القرن العشرين كان القصر مقرا للامبراطورة ماريا فيودوروفنا.

بعد ثورة اكتوبر عام 1917 حول القصر الى متحف مدينة بطرسبورغ القديمة. القصر حاليا هو قصر ابداعات الشباب.

2 – القصر الصيفي للقيصر بطرس الاكبر – يشبه شكل القصر من الاعلى المستطيل. يتكون المبنى من طابقين. الواجهة مزخرفة ومنقوشة برسوم واشكال جميلة. وتفصل بين نوافذ الطابقين اشكال طينية منحوتة تحكي قصة انتصار روسيا على السويد في حرب الشمال. المدخل الرئيسي للقصر يقع في جهة الحديقة ومزين بتماثيل ونقوش في وسطها رايات النصر وغنائمه.

بالرغم من مرور اكثر من ثلاثة قرون على تشييد القصر الا ان مظهره الخارجي لازال على وضعه وشكله الجميل، ومن احد اسباب ذلك هو انه خلال فترة حكم بطرس الاكبر شيد قصران صيفيان اخران بالقرب من هذا القصر اوسع منه. كما انه بعد الانتهاء من تشييد القصر الصيفي الكبير ليليزافيتا بيتروفنا اهمل هذا القصر عمليا ، مما انقذه من اجراء تقسيمات جديدة عليه في اثناء عمليات الصيانة. كان بطرس الاكبر يحب الاقامة في هذا القصر من الربيع وحتى نهاية الخريف. توجد في كل طابق 7 غرف موزعة على شكل صفين ولا يحتوي القصر على قاعات كبيرة. كسيت جدران الطابق الارضي الداخلية بألواح منقوشة من خشب البلوط، كما ان غرفة المكتب هي الاخرى تحتوي على نقوش يضاهي جمالها نقوش بقية الغرف. اما الطابق الثاني فيحتوي على غرفة المكتب الاخضر حيث توجد نقوش ورسوم مذهبة رائعة وجميلة.

3 – قصر ستروغونوف – شيد هذا القصر خلال اعوام 1752 – 1754 ويعتبر احد اعظم قصور بطرسبورغ وسمي بأسم صاحبه الذي منح المهندس المعماري حرية التصرف بشكل كامل في العمل. يقع القصر في منطقة التقاء قناة مويكا بنهر نيفا. لم يتغير مظهر القصر الخارجي بالرغم من مرور اكثر من 250 سنة على بنائه. واجهة القصر الرئيسية تطل على شارع نيفسكي وفيها اعمدة ثنائية تستند الى قاعدة مزخرفة وفي اعلاها شعار عائلة ستروغونوف الخاص. نوافذ القصر مزخرفة ومنقوشة. في عام 1790 حصلت بعض التغييرات على البناء، حيث شيدت بدلا من الاجنحة الاحادية الطابق اجنحة اوسع وذات ديكورات داخلية على الطراز الكلاسيكي. وتتميز قاعة اللوحات الفنية بجمال وروعة ديكوراتها وتصميمها وكذلك باللوحات التي تحتويها والتي تضاهي في قيمتها الفنية اللوحات المعروضة في الغاليريهات العالمية، كما توجد في القصر قاعات اخرى مثل القاعة العربية والمكتب المعدني. يحتوي القصر على اكثر من 50 غرفة مختلفة الاحجام.

بعد عام 1988 تقرر اجراء الترميمات اللازمة على مباني القصر وتسليمه الى ادارة المتحف الروسي.

4 – قصر شوفالوف – يعود هذا القصر الى الكونت ايفان شوفالوف مؤسس اكاديمية الفنون. بني هذا القصر خلال اعوام 1753 – 1756 الذي اعتبر انذاك اجمل واروع المباني في بطرسبورغ. القصر مشيد على طراز باروكو المتقدم. واجهة القصر الامامية جميلة ومنحوتة بدعائم مضلعة فوقها قوصرة شعاعية الشكل جميلة. بالرغم من مرور هذه الفترة الطويلة على انشاء القصر، الا انه مازال احد المعالم المعمارية والتاريخية في المدينة.

يستخدم هذا المبنى حاليا كمقر لجمعيات الصداقة الروسية مع الدول الاجنبية.

5 – القصر الرخامي – استمر بناء هذا القصر من عام 1769 وحتى عام 1785 ، وهو اول مبنى في بطرسبورغ تكسى جدرانه الخارجية وبعض جدرانه الداخلية بحجر طبيعي. حيث استخدمت في ذلك انواع مختلفة من الرخام والغرانيت ولهذا اطلق علية اسم القصر " الرخامي ".

لقد نجح المهندس المعماري في جمع وظيفتين للمبنى فمن جانب ان القصر مبنى في مدينة على غرار القصور والمباني الاخرى ومن جانب اخر هو بيت ريفي على غرار بيوت النبلاء الريفية في القرن الـ 18 . مباني القصر الشرقية مبنية على شكل حرف " П " اليوناني هذه المباني فصلت عن مباني الجزء الغربي الخدمية بجدار حجري وفناء فيه جنينة. وفي نفس الوقت خصص القسم الغربي من القصر للخدمات ومخادع النوم. لقد كسيت الجدران الخارجية للطابق الارضي من المباني بحجر الغرانيت الاحمر، بينما تمت تكسية الطابقين الثاني والثالث بحجر الرخام الرمادي الفاتح وتفصل بين قطعه قطع صغيرة من الرخام الاحمر والوردي. كان الطابق الارضي للقصر مخصصا للخدمات والمطابخ ومخازن المؤن وكنيسة بيتية. اما الطابق الثاني فكان مخصصا للاستقبال والاحتفالات اما الطابق الثالث فهو مخصص للنوم. اعتمد اسلوب الروكوكو كأساس في بناء القصر حيث يكون لكل قسم كيان منفصل عن البقية وترتبط فيما بينها بقاعات ضيقة صغيرة وممرات وسلالم تربط بين طوابقه الثلاثة.

بعد مرور فترة زمنية وتغير ملكية القصر قرر صاحبه اجراء بعض اعمال الصيانة والتغييرات عليه خاصة تقسيمات الطابق الارضي حيث على اثرها ظهرت قاعة المكتبة والمكتب الانجليزي وقاعة الموسيقى لاقامة امسيات موسيقة وغنائية ومسرحيات، أي تحول القصر الى مركز من المراكز الثقافية في بطرسبورغ.

اجريت على المبنى ترميمات وعمليات صيانة شاملة في ثمانينات القرن الماضي وهو حاليا فرع للمتحف الروسي وتعرض فيه بشكل دائم لوحات واعمال الرسامين والنحات الاجانب اضافة الى اقامة معارض وقتية.

6 – قصر شيريميتوف – يقع هذا القصر على ضفة قناة فونتانكا واكتمل بناؤه عام 1755 . يعتبر القصر من المعالم المعمارية المبنية على طراز باروكو في المدينة. كان القيصر بطرس الاكبر قد اهدى قطعة الارض المقام عليها القصر الى الفيلد مارشال الكونت بوريس شيريميتيف الذي كان من انصاره ورافقه في حملاته وجولاته العديدة. تحتوي الواجهة المركزية على 6 اعمدة كورنثية ثبتت فوقها قوصرة شعاعية الشكل، اما جانبا الواجهة فهي الاخرى محاطة باعمدة فوقها قوصرة مثلثة الشكل.

واجهة القصر الرئيسية تطل على النهر وهي تعبر عن الفن المعماري للقرن الـ 18 . الطابق الارضي من القصر كان مخصصا للخدمات اما الطابق الثاني ففيه غرف وقاعات للاستقبال ومخادع تشكل صفين من الممرات. يتضمن القصر ايضا حديقة فيها كهف صناعي وصومعة وبوابة مزخرفة واماكن عديدة لقضاء الامسيات وشرب الشاي وغير ذلك.

اصبح القصر بنهاية القرن الـ 18 مركزا للمسرح والموسيقى في بطرسبورغ .شهد هذا القصر قصة حب بين الكونت نيقولاي شيريميتيف والفلاحة براسكوفيا كوفاليوفا التي انتهت بزواجهما حيث منحت بعد ذلك لقب كونتيسة.

بعد ثورة اكتوبر عام 1917 سلم الكونت شيريميتيف القصر الى السلطات بمحتوياته كاملة وتحول الى متحف.

عاشت في هذا القصر في فترات مختلفة اخرها كان بين اعوام 1944 – 1952 الشاعرة الروسية آنا اخماتوفا حيث اسس في الجناح الذي سكنته متحف شخصي لها.

يتضمن القصر ايضا متحفا يتحدث عن تاريخ عائلة شيريميتيف.

7 – قصر ميخائيلوف – هذا القصر كالقلعة بوشر ببنائه عام 1796 بعد وفاة الامبراطورة يكاتيرينا الثانية، حيث كان بافل الاول يطمح الى الاقامة في قصر يملكه بدلا من قصر يكاتيرينا الثانية لكي يشعر بالامان والاطمئنان. اشرف على هندسة القصر اشهر المهندسين المعماريين المعجبين بالفن المعماري للقرون الوسطى. وافق بافل الاول على التصميم الذي كان يتضمن عناصر من قلاع الفرسان في القرون الوسطى اضافة الى الطرز المعمارية للقرن الـ 18 . استمرت عمليات بناء القصر ليل نهار وبدون ايام استراحة وساهم فيها اكثر من 6000 عامل من مختلف المهن حيث انتهت في نهاية عام 1800 .

للوهلة الاولى يبدو ان القصر منيع جدا لكونه محاطا بالمياه من جميع جوانبه ولا يمكن الدخول اليه الا بواسطة الجسر المتحرك فقط، الا ان القيصر بافل الاول قتل في مخدعه بعد 40 يوما فقط من اقامته في هذا القصر القلعة. تعتبر التصاميم الداخلية للقصر من العجائب الفنية، فهي من ناحية تعكس الابهة الامبراطورية ومن ناحية ثانية هو متحف فني للتحفيات القديمة وفنون اوروبا الغربية والفنون الروسية. بعد مقتل بافل الاول انتقلت العائلة القيصرية الى القصر الشتوي ثانية وفي عام 1819 اصبح القصر مقرا لكلية الهندسة.

اجريت في عام 1991 ترميمات وصيانة كاملة للقصر وسلم المبنى الى المتحف الوطني الروسي، واقيم امام واجهته الجنوبية تمثال للامبراطور بطرس الاكبر يمتطي حصانه وكان قد انجز عام 1740 .

8 – قصر ماريا – شيد القيصر نيقولاي الاول هذا القصر هدية لابنته ماريا بمناسبة زواجها. اكتمل بناء القصر عام 1844 . يقع القصر في الجهة المقابلة لكاتدرائية اسحق على ضفة قناة يكاتيرينا. كان هدف الامبراطور ان يكون القصر مختلفا عن القصور الاخرى، بحيث يكون نموذجا للرفاهية والاستراحة. ان ما يثير الانتباه كون جناحي القصر غير متساوية وغير متناظرة كما هو معتاد فجناحه الايمن اقصر من جناحه الايسر بـ 52 مترا كما انه مبني بزاوية منفرجة بالنسبة للواجهة الرئيسية المبنية على الطراز الكلاسيكي ليماثل المباني المشيدة على الساحة التي يطل عليها القصر. القاعات وغرف الخدمات قريبة من الطريق اما غرف النوم فهي في الجهة المقابلة بعيدة عن الضوضاء والغبار.

بعد ثورة اكتوبر عام 1917 اصبح القصر مقرا لمؤسسات حزبية مختلفة وخلال الحرب الوطنية العظمى تحول المبنى الى مستشفى عسكري مما تطلب اجراء بعض التعديلات عليه. اجريت على القصر خلال ستينات وسبعينات القرن الماضي ترميمات كاملة وهو حاليا مقر المجلس التشريعي لمدينة بطرسبورغ.

9 – قصر مينشيكوف – شيد هذا القصر بأمر من الكسندر مينشيكوف اول محافظ لمدينة بطرسبورغ واحد المقربين والمناصرين للقيصر بطرس الاكبر. بوشر ببناء القصر عام 1710 وهو اول مبنى حجري في المدينة ويعتبر اضخم مباني المدينة واجملها في عصر القيصر بطرس الاكبر وكان يستخدم للاستقبالات الدبلوماسية الرسمية والاجتماعات.

غرف القصر موزعة على جانبي الممرات ومازال بهو القصر وسلمه ونقوش واجهته التي تستند على صفين من الاعمدة الملساء على وضعها الاولي. لقد اكتشفت في الغرفة المغلفة بخشب البلوط في اثناء عمليات الصيانة، اكتشفت لوحة جدارية تعود للربع الاول من القرن الـ 18 تمثل القيصر بطرس الاكبر كمحارب منتصر. وسابقا كان القصر محاطا بحديقة غناء فيها نوافير عديدة وكهوف صناعية واجنحة مختلفة الا انها ازيلت ولم يبق لها أي اثر.

10 – قصر يوسوبوف – يعتبر هذا القصر من المعالم المعمارية المبنية على الطراز الكلاسيكي وكان في بداية الامر يتكون من طابقين ( منتصف القرن الـ 18 ). تم في ستينات القرن الـ 18 توسيعه وبناء طابق ثالث، حيث تميزت واجهته الرئيسية بـ 6 اعمدة تربط الطابقين السفليين فوقها قوصرة مثلثة الشكل. وفي ثلاثينات القرن الـ 19 تم بناء جناح يتضمن قاعة رخامية واسعة بأعمدة بيضاء. في هذا القصر قتل راسبوتين بديسمبر/كانون الاول عام 1916 .

بعد ثورة اكتوبر عام 1917 تحول المبنى من عام 1919 لغاية 1925 الى متحف اصبح بعدها يسمى " دار المعلم " حاليا يسمى " قصر العاملين في التعليم ".

اجريت على المبنى ترميمات وصيانة كاملة استمرت لفترة طويلة فخلال الفترة من 1946 ولغاية عام 1955 تمت ترميمات القاعة الخضراء وقاعة الرقص وبهو الاستقبال والغرف الخاصة والمسرح. ومنذ عام 1987 افتتح هنا مسرح موسيقى الحجرة.

11 – القصر الشتوي - هو المبنى الرئيسي لمتحف الارميتاج. شيد القصر خلال الفترة بين عامي 1754 و1762 . كان اول نموذج لمقر الامبراطور الشتوي وشيد على ضفة قناة زيمنايا في عهد الامبراطور بطرس الاكبر عام 1711 اما النموذج الثاني فكان في مكان مسرح الارميتاج حاليا وشيد خلال الفترة من 1716 – 1719 . في عام 1732 بوشر ببناء القصر الثالث الذي تطل واجهته على نهر نيفا وساحة القصر. وشيد النموذج الرابع المؤقت لقصر الشتاء من الخشب عام 1755 على زاوية شارع نيفسكي وكورنيش نهر مويكا. وبعد اكتمال بناء القصر الشتوي الدائم عام 1762 ازيل المبنى الخشبي. اول من اقام في القصر الحالي كان الامبراطور بطرس الثالث.

ان بناء القصر يوحي بعظمته وفخامته وان تصاميمه الداخلية غنية بزخرفتها ونقوشها الرائعة والبديعة. لقد بقيت واجهة القصر على شكلها الاولي اما التقسيمات الداخلية فأجريت عليها تغييرات عديدة اشرف عليها افضل المهندسين المعماريين الروس والاوروبيين.

في عام 1922 اصبح القسم الاكبر من القصر متحفا وفي عام 1945 سلمت كافة المباني الى متحف الارميتاج الذي يعتبر احد اضخم المتاحف في العالم.

ساحة القصر في بطرسبورغ

ساحة القصر في بطرسبورغ هي قلب العاصمة الشمالية لروسيا الاتحادية والمكان المحبب لسكان المدينة وضيوفها والسياح المحليين والاجانب. تعتبر الساحة والمباني المطلة عليها من اروع المجمعات المعمارية في العالم وسميت بساحة القصر لوقوعها امام القصر الشتوي. الساحة مدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو.

انشئت الساحة بأمر من الامبراطور نيقولاي الاول لتخليد انتصار القوات الروسية على جيوش نابليون في الحرب الوطنية عام 1812 . وضع كارل روسي المهندس المعماري المكلف بأنشاء الساحة مخطط المجمع المعماري، الذي تضمن الاستفادة من بعض الابنية القائمة في الموقع وربطها بالمباني الحديثة لتشكل وحدة معمارية متكاملة تخلد النصر الروسي.

شيد في الجانب الجنوبي للساحة مبنى الاركان العامة على شكل نصف دائرة بواجهة يبلغ طولها 580 مترا يتوسطها قوس نصر جميل مزخرف وضعت فوقه عربة المجد تجرها ستة خيول وعليها تماثيل مقاتلين وعربة ثانية تقودها " نيكا " الهة النصر. يبلغ ارتفاع القوس 28 مترا وارتفاع التماثيل 10 امتار وعرض القوس 17 مترا.

في عام 1834 نصب في وسط الساحة عمود الكسندر من حجر الغرانيت على شرف الامبراطور الكسندر الاول. يبلغ وزن العمود اكثر من 600 طن وارتفاعه 47.5 مترمثبت فوقه تمثال ملاك يقتل ثعبانا بالصليب الذي يحمله علامة لانتصار الخير على الشر.

وكان مبنى مقر الحرس اخر المباني التي شيدت على الساحة عام 1843 .

اجريت عام 1977 على الساحة ترميمات شاملة ورصفت ارضيتها بديكور جميل. تبقى الساحة المكان الذي يقصده سكان المدينة وضيوفها والسياح، كما ان اكثر المهرجانات الغنائية والاحتفالات الشعبية تقام على الساحة.

- القصر الشتوي – شيد القصر خلال الفترة بين اعوام 1754 – 1762 بتصميم المهندس المعماري بارتولوميو راستريللي الذي وضع عمليا مخطط الساحة. كان القصر مقرا للامبراطور الروسي. حاليا مبنى القصر هو المبنى الرئيسي لمتحف الارميتاج. يعتبر القصر الشتوي اجمل المباني المطلة على الساحة . تبلغ مساحة القصر 9 هكتارات ويتضمن حوالي 1500 غرفة وقاعة. كان القصر حينها اعلى مباني المدينة ولم يكن يسمح باقامة مبنى اخر اعلى منه.

- مبنى الاركان العامة – هذا المبنى ضخم جدا يتوسطه قوس النصر الذي ثبتت فوقه عربة تجرها ستة خيول وعليها تماثيل لمقاتلين وعربة ثانية تقودها " نيكا " الهة النصر. لقد صمم المهندس المعماري هذا المبنى، بحيث استفاد واستخدم المباني التي كانت قائمة منذ النصف الثاني من القرن الـ 18 . كان القسم الغربي من المبنى مخصا للاركان العامة اما القسم الشرقي فخصص لوزارتي الخارجية والمالية وكنيسة ( حاليا جزء من متحف الارميتاج ). المبنى مشيد على الطراز الكلاسيكي .

- عمود الكسندر – اقيم هذا العمود في وسط ساحة القصر عام 1834 تخليدا للامبراطور الكسندر الاول الذي في اثناء حكمه انتصرت القوات الروسية على قوات نابليون الغازية. لا مثيل لهذا العمود الغرانيتي في العالم حيث يبلغ طوله مع القاعدة وتمثال الملاك الذي مثبت في قمته 47.5 متر. العمود مثبت على قاعدة من الغرانيت ايضا نقشت عليها انواع الاسلحة التي استخدمت في تلك الحرب وكذلك رموز تخلد النصر الكبير.

- مبنى مقر الحرس – استمر بناء هذا المبنى من عام 1837 ولغاية 1843 . المبنى مشيد على الطراز الكلاسيكي المتأخر. بعد ان انجز بناء مبنى الاركان العامة كان لابد من اكمال بناء الساحة حسب المخطط المقرر. لذا امر الامبراطور بافل الاول بتشييد مبنى في الجانب الشرقي للساحة ليكون مقرا للحرس حيث ان المبنى القديم لم يعد يفي بالغرض. يتكون المبنى من قسمين متعامدين تطل واجهة احدهما على الساحة وتطل واجهة القسم الاخر على كورنيش نهر مويكا.

الارميتاج – اضخم واشهر متاحف روسيا واحد اكبر متاحف العالم

يقع متحف الارميتاج في مدينة بطرسبورغ ، وهو اضخم متاحف روسيا الاتحادية واحد اضخم متاحف العالم. يحتوي المتحف على اكثر من 3 ملايين لوحة فنية وقطع اثرية ومنحوتات لكبار الفنانيين.

كان المتحف في بداية الامر يتمثل في مجموعة لوحات فنية ازداد عددها مع مرور الوقت كانت تبتاعها الامبراطورة يكاتيرينا الثانية وتضعها في احدى قاعات القصر الشتوي المعزولة ( من هنا جاءت تسميته عن الفرنسية – ارميتاج وتعني مكان منعزل ).

بدأت الامبراطورة يكاتيرينا الثانية بجمع اللوحات الفنية عام 1764 بعد شرائها 220 لوحة فنية لرسامين من هولندا وبلجيكا من احد التجار في برلين ووضعتهم في قاعات القصر الشتوي المنعزلة. تبع ذلك عام 1769 شراء اكثر من 600 لوحة فنية من مدينة درسدن الالمانية. تبع ذلك عام 1772 شراء مجموعة لوحات البارون كروزا في باريس. كانت هذه المجموعة تضم اعمالا لرسامين من ايطاليا وفرنسا وهولندا وبلجيكا، كان من بين هذه اللوحات، لوحة " العائلة المقدسة " للرسام روفائيل ولوحات لرامبرانت وغيرهم. وفي عام 1779 اقتنيت مجموعة لوحات تعود لرئيس الوزراء البريطاني ومجموعة اخرى يزيد عددها عن 5000 لوحة من بروكسل. بعد ذلك اشترت الامبراطورة يكاتيرينا الثانية مجموعة تعود لمصرفي بريطاني كان بينها تمثال " ولد يجلس القرفصاء " لميكائل انجلو وتماثيل قديمة تعود الى العهد اليوناني وغيرها اضافة لذلك كانت الامبراطورة تقتني لوحات فنية ومنحوتات من الرسامين الروس والاوروبيين نفذت حسب طلبها. كما انها اشترت مكتبة فولتير وديدرو. عند وفاة الامبراطورة عام 1796 كان مجموع اللوحات التي تملكها 3996 .

استمر شراء اللوحات الفنية في عهد الكسندر الاول ونيقولاي الاول خاصة لوحات بريشة رسامين لم تكن اعمالهم موجودة في الارميتاج.

افتتح متحف الارميتاج للجمهور عام 1852 حيث كان في حينها احد اغنى المتاحف في العالم بما يحتويه من تماثيل شرقية ومصرية قديمة ويونانية والعصور الوسطى وفنون اوروبا اضافة الى الاثار القديمة المكتشفة في اسيا والحضارة الروسية بين القرن الـ 8 والقرن الـ 19 . استمر عدد اللوحات الفنية بالازدياد وكان بينها لوحات تعود الى الرسام رامبرانت مثل " عودة الابن الضال " التي رسمها في هولندا في القرن الـ 17 خلال الفترة الفاصلة بين العصور الوسطى والحديثة.

بعد قيام ثورة اكتوبر عام 1917 ازدادت معروضات المتحف من اللوحات الفنية والتماثيل بشكل كبير نتيجة تأميم ومصادرة المجموعات الفنية الخاصة.

ونتيجة لاعادة توزيع ممتلكات المتاحف في موسكو وبطرسبورغ استلم الارميتاج لوحات لرسامين روس واوروبيين. في حين نقلت " غرفة الالماس " الى موسكو حيث شكلت اساس متحف الالماس كما نقلت بعض اللوحات الفنية الى متحف الفنون التشكيلية بموسكو.

خلال سنوات الحرب الوطنية العظمى نقلت اغلب معروضات المتحف الى مناطق ماوراء سلسلة جبال الاورال واغلق المتحف امام الجمهور. ألا ان العاملين في المتحف استمروا في نشاطهم العلمي والقاء المحاضرات. في عام 1956 افتتح الطابق الثالث للمتحف.

محتويات المتحف – تعكس محتويات ومعروضات المتحف تطور الفنون في العالم منذ العصر الحجري القديم وحتى نهاية القرن الـ 20 وكذلك الاثار الثقافية المكتشفة على كامل اراضي الاتحاد السوفيتي السابق مثل التماثيل الصغيرة ومنها تمثال " فينوس العصر الحجري " وقطع خزفية وبرونزية وغيرها. وتضم مجموعة اللوحات اعمالا تعود الى رسامين غربيين عظام من القرن الـ 13 لغاية القرن الـ 20 واغلبها يعود الى الرسامين من ايطاليا ( القرن الـ 16 – القرن الـ 18 ) وفرنسا ( القرن الـ 17 وبداية القرن الـ 20 ) واسبانيا ( القرن الـ 16 – القرن الـ 18 ) وهولندا وبلجيكا ( القرن الـ 17 ) وغيرهم.

وزعت معروضات الارميتاج على عدد من المباني التي تشكل المجمع المعماري الرائع المطل على ساحة القصر. تطل جميع المباني على نهر نيفا ويمثل القصر الشتوي المبنى الرئيسي للمتحف. توجد للمتحف فروع في كل من امستردام عاصمة هولندا ومدينة قازان عاصمة جمهورية تتارستان ومدينة فيبورغ في مقاطعة لينينغراد.

لكي يتعرف المشاهد على كافة المعروضات في قاعات المتحف عليه ان يقطع مسافة 22 كم. واذا صرف دقيقة واحدة في مشاهدة كل قطعة من معروضاته فأنه يحتاج الى حوالي 15 سنة لكي يشاهدها كاملة.

ان زائر المتحف يمكن ان يرى نفسه في مصر القديمة او بلاد مابين النهرين وبلاد الاغريق ويتعرف على حياة قبائل سيبيريا ويشاهد المومياء المصرية والخزف الاغريقي وتماثيل يونانية واسقوثية وغيرها، ناهيك عن اللوحات الفنية لرسامين امثال ليوناردو دا فينتشي ورافائيل وتيتسيان والغريكو ورامبرانت وكلود مونيه وكامل بيسارو وبيكاسو وغيرهم وتماثيل من نحت ميكائيل انجلو وغيره.

ان زائر المتحف ينبهر ليس فقط بما يشاهده من معروضات ولوحات فنية فقط، بل بالفن المعماري والتصاميم الرائعة لمباني المتحف.

كاتدرائية اسحق – اجمل واضخم كنائس بطرسبورغ

تقع الكاتدرائية في مدينة بطرسبورغ العاصمة الشمالية لروسيا واسمها الرسمي كاتدرائية القديس اسحق الدالماتي. الكاتدرائية احدى اجمل واضخم الكنائس ليس فقط في روسيا بل وفي اوروبا، حيث تسع لـ 12000 شخص. استمر بناء الكاتدرائية 40 سنة من عام 1818 ولغاية 1858 . يستخدم مبنى الكاتدرائية حاليا متحف تاريخ الفنون، كما تقام فيه الطقوس الدينية في ايام الاعياد والمناسبات الدينية.

نبذة عن تاريخ الكاتدرائية

شيدت اول كنيسة بهذا الاسم بامر من الامبرطور بطرس الاكبر عام 1710 وبعد انجاز العمل عقد بطرس الاكبر قرانه على زوجته يكاتيرينا فيها. في عام 1717 تقرر بناء كنيسة من الحجر بدلا من الكنيسة الخشبية. ولكن تهدمت بسبب الهبوط الذي حصل في التربة فتقرر بناء كنيسة ثالثة. وقد امرت بذلك الامبراطورة يكاتيرينا الثانية عام 1768. وانجزت عمليات البناء في عام 1800 أي بعد وفاة الامبراطورة.

بعد انتهاء الحرب الوطنية عام 1812 امر الامبراطور الكسندر الاول بوضع تصميم لكاتدرائية جديدة، وبعد دراسة التصاميم العديدة التي قدمها مشاهير المهندسين المعماريين انذاك وقع الاختيار على تصاميم المهندس الفرنسي مونفيران الذي اقترح استخدام بعض اجزاء الكاتدرائية القائمة في مبنى الكاتدرائية الجديد.

بدأت عمليات البناء عام 1818 واستمرت 40 سنة حتى عام 1858 . استمر حفر اساس المبنى عدة سنوات حيث دق فيه 2400 وتد من خشب الصنوبر قطر كل وتد يتراوح بين 26 – 28 سم. وطوله 6.5 م. والمسافة بين وتد واخر تعادل قطر الوتد المستخدم. بعد ان اكتمل دق الاوتاد ربطت فيما بينها ثم اغرقت الخنادق بالمياه التي تجمدت بمستوى واحد، بعد ذلك قطعت اجزاء الاوتاد التي فوق سطح الجليد وبهذه الطريقة تم الحصول على مستوى ثابت لهذه الاوتاد والاساسات بشكل عام.

تزين مبنى الكاتدرائية مثله مثل بقية الكنائس الارثوذكسية خمس قباب. القبة الوسطية المذهبة تتكون من ثلاث طبقات سفلى ووسطى وعليا التي يبلغ قطرها 25.8 م. اما قطر الطبقة السفلى فيبلغ 22.15 م. ويحيط بالكاتدرائية 112 عمودا من حجر الغرانيت طول كل عمود 17 مترا، ووزنه 114 طنا. اما الاعمدة الـ 24 التي تحيط بالقبة الرئيسية فطول كل واحد منها 14 م. ووزنه 64 طنا. يبلغ ارتفاع مبنى الكاتدرائية مع الصليب 102.2 م. ومساحته 4000 متر مربع ويتسع لـ 12000 شخص استخدم في طلاء السطح الخارجي للقبة الرئيسية حوالي 100 كغم. من الذهب. يتوسط القبة صليب من الذهب.

نصبت اجراس الكاتدرائية في زوايا المبنى، وهي مصنوعة من سبيكة من النحاس والقصدير والفضة. في عام 1848 نصب في الجهة الشمالية الغربية للمبنى الجرس الرئيسي للكاتدرائية الذي يبلغ وزنه حوالي 30 طنا.

الزخرفة الخارجية لمبنى الكاتدرائية

استخدم في عملية بناء الكاتدرائية 43 نوعا من احجار الزينة. وكسيت قاعدة المبنى بحجر الغرانيت اما الجدران التي يبلغ سمكها في بعض المواضع 5 امتار فكسيت بالرخام الرمادي الفاتح. توجد للكاتدرائية اربع واجهات مزخرفة ومنقوشة. وفي كل واجهة فيها رواق باعمدة مزخرفة من الغرانيت ثبتت عليها لوحة تصور حادثة ما مع تمائيل للرسل والملائكة.

توجد على الواجهة الشمالية للمبنى لوحة منحوتة بعنوان " قيامة المسيح " وعلى يمينها ويسارها ملائكة وخلفها نساء متعجبات. كما نصبت في هذه الواجهة تماثيل لبطرس الرسول وبولس ويوحنا.

تزين الواجهة الغربية لوحة تجسد وحدة السلطة الدينية والقيصرية " القديس اسحق الدالماتي يبارك الامبراطور ثيودوسيوس ". كما نصبت في هذه الواجهة تماثيل للرسل توما ومرقس وبرثولماوس.

توجد على الواجهة الجنوبية لوحة " سجود المجوس " تتوسطها مريم العذراء والطفل يسوع وعلى يمينها القديس يوسف النجار يحيط بهم المجوس الذين اتوا لمباركتهم. كما نصبت تماثيل للرسل اندراوس وفيليبس ومتي.

الواجهة الشرقية مزينة بلوحة " القديس اسحق الدالماتي يتحدث الى الامبراطور فالنس " كما نصبت تماثيل للرسل يعقوب ولوقا وسمعان.

التصاميم الداخلية للكاتدرائية – تحتوي الكاتدرائية على 3 مذابح . المذبح الرئيسي للقديس اسحق الدالماتي وعلى يساره مذبح الشهيدة يكاتيرينا وعلى يمينه مذبح القديس الكسندر نيفسكي.

يطلق البعض على الكاتدرائية اسم متحف احجار الزينة الملونة، فلقد كسيت ارضية وجدران الكاتدرائية الداخلية بألواح من الرخام الروسي والايطالي والفرنسي متناسقة الالوان. وكسيت الجدران برخام ابيض اللون مع تداخلات من الرخام الاخضر والاصفر وكذلك قطع من الرخام السماقي وحجر اليشب. وزينت القبة الرئيسية من الداخل بلوحات فنية وعلقت في وسطها حمامة فضية ترمز الى الروح القدس.

نشاهد في الداخل عشرات اللوحات الفنية والفسيفساء من ابداع مشاهير الرسامين. يوجد في داخل الكاتدرائية اكثر من 300 تمثال ولوحات منحوتة واكثر من 60 لوحة فسيفساء استخدم فيها اكثر من 20 نوعا من احجار الزينة المختلفة الالوان. اما اعمدة الفاصل الايقوني فكسيت بحجر المالاخيت واللازورد.

اغلقت الكاتدرائية عام 1928 وفي عام 1937 اصبحت متحفا لتاريخ الفنون. خلال سنوات الحرب الوطنية العظمى طلي سطح قبة الكاتدرائية بلون التربة لكي لا تكون هدفا مباشرا لمدفعية القوات الالمانية الغازية ومع ذلك مازالت اثار الشظايا واضحة في اماكن عديدة منها. منذ عام 1948 اصبح المبنى يسمى بمتحف كاتدرائية اسحق. في خمسينات وستينات القرن الماضي اجريت على المبنى ترميمات وصيانة شاملة حيث تم بناء ساحة على سطح الكاتدرائية يصعد اليها السياح لمشاهدة القسم التاريخي لمدينة بطرسبورغ .

ومنذ عام 1990 تقام في الكاتدرائية الطقوس الدينية في ايام الاعياد والمناسبات الدينية.

كاتدرائية قازان – روعة من روائع الفن المعماري الروسي

تقع كاتدرائية قازان في وسط مدينة بطرسبورغ، وهي احدى اضخم دور العبادة في المدينة، تتصدر واجهة المبنى اعمدة عديدة وتطل على شارع نيفسكي اما الواجهة المقابلة فتطل على قناة غريبويدوف. يبلغ ارتفاع المبنى 71.5 م.

نبذة تاريخية عن الكاتدرائية

شيدت هذه الكاتدرائية محل الكنيسة الخشبية القديمة التي كانت تحتفظ بأيقونة العذراء من مدينة قازان. من هنا جاءت تسمية الكاتدرائية " كاتدرائية ايقونة العذراء القازانية ".

اعلن القيصر بافل الاول عن مسابقة لوضع تصميم لكنيسة جديدة تحل محل الكنيسة القديمة بشرط ان تكون شبيهة بكنيسة القديس بطرس في الفاتيكان. لم يوافق القيصر على التصاميم العديدة التي قدمها معماريون روس واجانب، ولكن بعد مرور سنة عرض عليه تصميم من اعداد المواطن الروسي الكسندر فورونيخين حاز على اعجاب وموافقة القيصر الذي امر بتشكيل لجنة لمتابعة اعمال البناء.

بدأت عمليات البناء عام 1801 وانتهت عام 1811 أي انجز العمل خلال 10 سنوات وهي مدة زمنية قصيرة نسبيا لانجاز مثل هذا العمل الضخم. قام بالعمل مواطنون روس فقط كما ان المواد المستخدمة في البناء جميعها مواد روسية، حيث لم تستخدم مواد مستوردة اوايدي عاملة اجنبية في العمل مطلقا.

استقبل الناس افتتاح الكنيسة بفرح واعتبروها ذكرى لانتصار القوات الروسية في الحرب الوطنية عام 1812 حيث جلبت اليها بعد انتهاء الحرب الرايات الحربية الفرنسية وصولجانات جنرالات وقادة الجيش الفرنسي وغنائم اخرى، وهنا يرقد منذ عام 1813 في مثواه الاخير الفيلد مارشال ميخائيل كوتوزوف قائد الجيوش الروسية المنتصرة.

بعد اغلاق كاتدرائية اسحق عام 1928 منحت الكنيسة صفة كاتدرائية واصبحت مقرا لابريشية لينينغراد. في عام 1932 اغلقت هذه الكاتدرائية ايضا وحول المبنى الى متحف للدين والالحاد. خلال اعوام 1950 - 1956 اجريت على اقسام المبنى الداخلية عمليات صيانة وترميمات شاملة تبعها خلال الفترة من 1963 ولغاية عام 1968 عمليات صيانة على واجهات المبنى.

اعيدت المنى الى الكنيسة الارثوذكسية الروسية عام 1991 وتقام فيه الطقوس الدينية يوميا صباحا ومساء.

وصف موجز لمبنى الكاتدرائية

من الامور المتبعة والثابتة في بناء الكنائس هو ان يكون مدخلها من الجهة الغربية والمذبح في الجهة الشرقية. لقد تمكن فورونيخين من حل هذه المعضلة اضافة الى تحقيق رغبة القيصر بان تكون الكنيسة شبيهة بكنيسة القديس بطرس في الفاتيكان. لاجل تنفيذ المسألتين اقام امام الواجهة الشمالية للمبنى 96 عمودا من حجر الغرانيت ارتفاع كل واحد منها 13 مترا. ووزنه 30 طنا ونصبت بصفين على شكل نصف دائرة امامها ساحة تفصلها عن شارع نيفسكي وبذلك اصبحت الواجهة الشمالية المطلة على شارع نيفسكي مدخلا احتفاليا، اضافت جمالا ورونقا لشارع المدينة الرئيسي.

يمكن ان نشاهد في الواجهة الشمالية للمبنى اربعة تماثيل برونزية لكل من اندراوس الرسول ويوحنا المعمدان والكسندر نيفسكي والامير فلاديمير. اما بوابات المدخل البرونزية فهي نسخة طبق الاصل لبوابات دار المعمودية في فلورنسا. وتزين الواجهة الشرقية لوحة تعكس احدى معجزات النبي موسى وفي الواجهة الشرقية نشاهد لوحة بعنوان " الثعبان النحاسي "، وفي الواجهة الشرقية لوحة منحوتة بعنوان " دخول المسيح مدينة القدس ". بوابة المدخل الشمالي مصنوعة من البرونز يطلق عليها " بوابة الجنة " ونصبت على جانبيها التماثيل الاربعة التي تتداخل بشكل عضوي مع الاعمدة. تعلو التماثيل لوحات منحوتة بعنوان " البشارة " و" سجود الرعاة " و" سجود المجوس " و" الهروب الى مصر ". هذه اللوحات والجدران الخارجية وتيجان الاعمدة كلها من حجر الكلس الاصفر.

تبهر العين الديكورات والتصاميم الداخلية للكاتدرائية، حيث يوجد فيها 56 عمودا ثنائيا من حجر الغرانيت يزن كل عمود منها حوالي 30 طنا وارتفاعه 10.7 متر. ارضية الكاتدرائية مرصوفة ببلاطات من حجر الرخام المختلف الالوان مرتبة بصورة متناسقة ومتناظرة ويتميز في هذه اللوحة الجميلة " مكان القيصر ". اما حائط الايقونات الرئيسي في الكاتدرائية فقد صرف عليه حوالي 1700 كغم. من الفضة التي تبرع بقسم منها قوزاق منطقة الدون اما القسم الاكبر فأستعيد من الجنود الفرنسيين الذين نهبوها من الكنائس في موسكو والمدن الاخرى التي دخولها في اثناء هجومهم على روسيا. كما توجد في الكاتدرائية مجموعة من اللوحات الفنية لمشاهير الرسامين، وعلى يسار مكان القيصر وضعت ايقونة العذراء . زينت صروح الاعمدة التي تسند قبة الكاتدرائية ايقونات قديمة بريشة رسامين روس وهي موضوعة في اطارات من حجر الغرانيت المذهب. وضعت فوق المذبح لوحة " العشاء الاخير " كما نشاهد في قبة الكاتدرائية من الداخل لوحات " صعود العذراء الى السماء" و" الدخول الى المعبد " و " شفاعة العذراء " وغيرها من اللوحات العديدة.

يعتبر بناء كاتدرائية قازان في بطرسبورغ نقطة البداية في تطور فنون العمارة وبناء وتصميم المدن، حيث من هنا تبدأ المرحلة الذهبية لفنون العمارة في روسيا ومن هنا برزت معالم بطرسبورغ كعاصمة للامبراطورية الروسية العظيمة.

مجمع سمولني – تحفة معمارية رائعة

تعتبر مباني مجمع سمولني ببطرسبورغ معلما اثريا ومعماريا فريدا ليس فقط في المدينة، بل وفي روسيا عموما. يتكون المجمع من مباني الدير والمعهد والكاتدرائية والكنائس الاربع التي تحيط بها. استمر تشييد هذه المباني خلال فترة 87 سنة في منطقة معامل تحضير مادتي القطران والراتنج اللتين كانتا تستخدمان في صناعة السفن.

- دير سمولني للراهبات – يعتبر هذا المبنى احد افضل المباني المبنية على طراز باروكو الروسي. يقع المبنى على ضفة نهر نيفا بالقرب من القصر الذي كانت تقيم فيه يليزافيتا بيتروفنا ابنة الامبراطور بطرس الاكبر والتي ارادت ان تبتعد عن الحياة العلمانية وان تقضي ايامها في دير. بعد ان اعتلت يليزافيتا العرش عام 1741 امرت ببناء الدير. استمر بناء الدير من عام 1744 وحتى عام 1764 وخلال هذه الفترة كانت عمليات البناء تجري تحت اشراف الامبراطورة مباشرة. توفيت الامبراطورة قبل ان تحقق رغبتها في ان تصبح راهبة وتقضي ايامها الاخيرة بهدوء بين جدران هذا الدير.

- كاتدرائية سمولني – يتوسط مبنى الكاتدرائية مجمع مباني سمولني ويبلغ ارتفاعها 93.7 م. حيث توحي للناظر انها تنطلق نحو الاعلى. واجهات المبنى مطرزة ومنقوشة ومذهبة وجدرانها ملونة باللونين الازرق والابيض اللذين يلبسانها حلية العيد وبهجته. حول هذا المبنى شيدت على الجهات الاربع للكاتدرائية اربع كنائس طليت بنفس اللونين ومبان سكنية. القاعة الكبيرة في المبنى كسيت بالرخام وفيها ثلاثة جدران مخصصة للايقونات وامام مذبحها درابزين من الكريستال المضلع اما الكرسي فقد نقش بزخارف جميلة ودقيقة. كما تحتفظ الكاتدرائية بعدد من الايقونات القديمة.

- معهد سمولني – شيد مبنى المعهد خلال اعوام 1806 – 1808 جنوب مبنى الدير وكان يسمى " معهد سمولني للفتيات النبيلات ". بعد ثورة اكتوبر عام 1917 اصبح مقرا لقيادة الثورة والحزب البلشفي جتى عام 1991 بعد ذلك اصبح مقرا للمحافظة و اصبح جزء منه متحفا يعكس تاريخ المبنى. التقسيمات الداخلية للمبنى بسيطة وتعكس ما كان متبعا في المؤسسات التعليمية المغلقة. غرف النوم والقاعات الدراسية تقع على جانبي ممرات عريضة. توجد في المبنى قاعة واسعة تقع في الجناح الجنوبي للمبنى، والاعمدة الكورنثية تقسم فضاء القاعة الى ثلاثة اقسام – قسم عريض واخر متوسط وقسمين جانبيين ضيقين. سقف القاعة وجدرانها منقوشة ومزخرفة بشكل رائع وجميل. تعتبر قاعة سمولني نموذجا لقاعات الاحتفالات في الفن المعماري الروسي للقرن الـ 19 .

المجمع في الوقت الحاضر فرع من فروع متحف " كاتدرائية اسحق " التاريخي وتقام فيه الحفلات والمعارض الفنية المختلفة.



كاتدرائية قيامة المسيح – تحفة معمارية وفنية لا مثيل لها

تقع الكاتدرائية في المركز التاريخي لمدينة بطرسبورغ على ضفاف قناة غريبويدوف وتسمى ايضا " كنيسة المخلص على الدم ". بنيت الكنيسة تخليدا لذكرى الامبراطور الكسندر الثاني الذي اغتيل في هذا المكان يوم 1مارس/اذار عام 1881 ( لهذا تسمى على الدم – أي دم الامبراطور ). شيدت الكاتدرائية من تبرعات السكان في عموم روسيا. يبلغ ارتفاع الكاتدرائية 81 مترا وتتسع لـ 1600 شخص. الكاتدرائية حاليا متحف ومعلم من معالم المدينة التاريخية والمعمارية.

شيدت الكاتدرائية بأمر من الامبراطور الكسندر الثالث واستمرت عمليات البناء من عام 1883 ولغاية 1907 . الكاتدرائية مبنية على الطراز الروسي وتشبه الى حد ما كاتدرائية فاسيلي البار المطلة على الساحة الحمراء بموسكو. استغرق بناء الكاتدرائية 24 سنة وتم افتتاحها في يوم عيد التجلي عام 1907 .

شكل الامبراطور لجنة مختصة كلفت باختيار افضل تصميم للكنيسة. بعد انتهاء الفترة المعلنة اختارت هذه اللجنة 8 تصاميم من مجموع 26 تصميما قدمها مهندسون معماريون ، ألا ان هذه التصاميم لم تحظ بموافقة الامبراطور لكونها لاتعكس جوهر الفن المعماري الروسي للقرن الـ 17 كما في كنائس مدينتي موسكو ويارسلافل. اعلنت اللجنة عن مسابقة ثانية وكانت نتيجتها مماثلة لسابقتها. بعد ذلك قدم المهندس المعماري الفريد بارلاند والاسقف ايغناتي ماليشيف تصميما تضمن مزيجا لتصاميم كنائس المدينتين المذكورتين حظي بموافقة الامبراطور مع اجراء بعض التعديلات عليه.

بوشر ببناء الكاتدرائية في نهاية عام 1883 واستخدمت في عملية البناء تكنولوجيا حديثة كما تمت انارة المبنى من الداخل والخارج بحوالي 1700 مصباح كهربائي وجهزت بمانعات الصواعق. كانت الكاتدرائية تابعة لوزارة الداخلية ولم تكن مفتوحة للمصلين، ألا لمن كان معه تصريح خاص. كانت خزينة الدولة تتحمل نفقات هذه الكاتدرائية مثلها مثل كاتدرائية اسحق لغاية عام 1917 حيث قررت السلطة البلشفية وقف المساعدات المالية للكاتدرائيتين. اغلقت الكاتدرائية عام 1930 وخلال سنوات حصار المدينة ابان الحرب الوطنية العظمى تحول المبنى الى ثلاجة للموتى. بعد انتهاء الحرب اصبحت مستودعا لديكورات مسرح الاوبرا .

منذ عام 1968 اصبح مبنى الكاتدرائية تحت حماية اللجنة الحكومية المشرفة على حماية المعالم التاريخية والمعمارية. في عام 1970 افتتح هنا فرع لمتحف كاتدرائية اسحق. اجريت في سبعينات القرن الماضي اعمال صيانة وترميمات هندسية شاملة على المبنى من الخارج وفي بداية الثمانينات بدأت اعمال الصيانة في داخل المبنى انتهت عام 1997 . حيث فتحت ابواب المتحف للزوار في 19 اغسطس/اب عام 1997.

يعتبر المبنى احد اضخم المعالم الروسية لفن الفسيفساء التي تغطي الجدران الخارجية والداخلية للمبنى. يتميز مبنى الكاتدرائية من الخارج بالوانه الزاهية ونقوشه وزخرفته البديعة وسطوح قببه المطلية بمادة المينا ذات الالوان الابيض والاصفر والاخضر وباشكال مختلفة وشكله على الطراز الكلاسيكي الروسي القديم.

استخدم في تكسية الجدران الخارجية للمبنى الرخام الايطالي واحجار شبه كريمة مثل اليشب وانواع من حجر الكوارتز والياقوت الاصفر وغيرها. الجزء السفلي من الجدران كسي بحجر الغرانيت وثبتت عليه 20 لوحة كتبت بحروف مذهبة عن اعمال الامبراطور الكسندر الثاني. كما نقش الجدار بمنحوتات من حجر الرخام الملون. وثبتت على واجهات المبنى فسيفساء تمثل شعارات المحافظات والمدن والاقضية الروسية، وعلى واجهة المدخل شرفتان متناظرتان مرتبطتان ببرج الاجراس، يتوسط الشرفتين فسيفساء لصليب. تبلغ مساحة فسيفساء واجهات المبنى 400 متر مربع.

اما في الداخل فان المبنى غني بعدد كبير من الفسيفساء والنقوش والزخارف الجميلة. ان هذه النقوش تبهر العين فعلا حيث ان الفسيفساء تغطي معظم الجدران الداخلية للمبنى، كل هذه النقوش والزخارف هي من عمل الفنانين الروس. الجدران مكسية باحجار شبه كريمة. لقد اعير اهتمام خاص الى المكان الذي قتل فيه القيصر حيث ثبتت فوقه مظلة بقاعدة من اربعة اعمدة من اليشب تحمل سطح المظلة مع واجهات مزخرفة من الحجر وتوجد فوق هذا السطح 24 قوسا موزعة على ثلاثة صفوف يعلوها هرم ثماني الاضلاع ثبت في قمته صليب مصنوع من 12 ياقوتا. اما تحت المظلة فوضع جزء من سياج القناة والبلاطة التي سقط عليها القيصر مضرجا بدمائه والمكان محاط بسياج من حجر الغرانيت.

ان السياح يحجزون اماكن توقفهم في مدينة بطرسبورغ في الفنادق القريبة من مبنى الكاتدرائية دائما، وذلك ليتمكنوا في اوقات مختلفة من مشاهدة هذه اللوحة المعمارية الرائعة التي لامثيل لها ابدا.

قلعة بطرس وبولس – نواة مدينة بطرسبورغ

تعتبر قلعة بطرس وبولس النواة التاريخية لمدينة بطرسبورغ، حيث وضع الحجر الاساس لها عام 1703 بتخطيط وأمر من الامبراطور بطرس الاكبر. تتضمن القلعة المحاطة بسور فيه 6 ابراج محصنة مرتبطة فيما بينها، وكذلك استحكامين مثلثين وترتبط بالمدينة بجسر يوحنا المقام عام 1703 .

لم تستخدم القلعة للاغراض العسكرية ابدا بل اقتصر استخدامها كسجن للمعارضين السياسيين. القلعة وكل مبانيها تابعة الى متحف تاريخ مدينة بطرسبورغ. حيث تعلن اطلاقة مدفع من حصن ناريشكين يوميا منتصف النهار. والقلعة معلم تاريخي فريد يتضمن مواقع دفاعية اضافية.

يبدأ تاريخ مدينة بطرسبورغ مع تاريخ بناء القلعة ففي عام 1700 كانت روسيا في حالة حرب مع السويد وتمكنت بحلول عام 1703 من استرجاع الاراضي القريبة من نهر نيفا. وقررت السلطات الروسية بناء قلعة لحماية هذه الاراضي من هجمات السويد. بوشر ببناء القلعة عام 1703 وقام بتنفيذ عمليات البناء الجنود والاسرى السويديون كما ارسلت كل محافظة من محافظات روسيا عددا من الاقنان للمشاركة في عمليات البناء، حيث انجز اقامة الحواجز الترابية في شهر اكتوبر/تشرين الاول من نفس السنة. في عام 1706 تقرر بناء الاسوار والحصن باسلوب جديد، حيث بلغ سمك جدران الحصن 20 مترا ( 5-6 امتار سمك جانبي الجدار مع ملء الفراغ الحاصل بمكسور الحجر) اما ارتفاعها فبلغ 12 مترا. كما تم دق اكثر من 40 الف وتد تحت الاسوار، وكان عدد المدافع في كل حصن يتراوح بين 50 – 60 مدفعا ، حيث كانت هذه المدافع ترفع الى مواضعها في بداية الامر بواسطة سطح خشبي مائل ومن ثم بنيت هذه الاسطح من الحجر. وتحتوي الممرات التي تربط بين الابراج على حجرات للجنود والضباط والمؤن وغير ذلك. كما انشئت في القلعة ممرات تحت ارضية سرية. كان الهدف من انشاء هذه الممرات هو السماح للجنود بالخروج الى خارج اسوار القلعة ومباغتة الاعداء من الخلف. شيد بين برج ناريشكين وكاتدرائية بطرس وبولس بيت القومندان. يتضمن هذا البيت مسكن القومندان وادارته وغرف استجواب المعتقلين. وتقع في الجهة الشرقية من القلعة مقبرة دفن فيها 18 قومندانا خلال اعوام 1720 – 1914. كما يقع الى جانب بيت القومندان مبنى الحرس والى يساره مبنى المهندسين. انجز بناء القلعة عام 1740 .

تعتبر هذه القلعة " سجن الباستيل الفرنسي " في روسيا لانها اصبحت السجن الرئيسي للمعتقلين السياسيين المعارضين للنظام القيصري، في هذا السجن كتب الفيلسوف الروسي نيقولاي تشيرنيشيفسكي روايته الشهيرة " ما العمل؟ ".

متحف قلعة بطرس وبولس

فتحت ابواب القلعة لاول مرة امام الزوار في عهد الامبراطور الكسندر الاول عندما بوشر بتنظيم سفرات سياحية لمشاهدة مقابر الاسرة الحاكمة في الكاتدرائية. في عام 1922 اصبحت الكاتدرائية متحفا. ومنذ عام 1954 دمجت الكاتدرائية ومقبرة الاباطرة وغيرها من المباني بمتحف تاريخ لينينغراد، وبدأت دراسة شاملة ومعمقة لتاريخ القلعة رافقها اجلاء السكان من المباني التاريخية واجراء الترميمات اللازمة عليها.

يزور القلعة سنويا الآف السياح الاجانب اضافة الى مواطني روسيا وسكان مدينة بطرسبورغ. تقع ضمن حدود القلعة كاتدرائية بطرس وبولس ومقبرة الاباطرة وبيت المطرانية وبيت الزورق وبيت القومندان وبيت المهندسين ومبنى السجن اضافة الى الحصن والممرات وغيرها من المباني العديدة.

- كاتدرائية بطرس وبولس – تقع الكاتدرائية ضمن حدود القلعة وشيدت خلال اعوام 1712 – 1733 بدلا من الكنيسة الخشبية التي بنيت اعوام 1703 – 1704 . يوجد في الكاتدرائية برج للاجراس يتكون من ثلاثة ادوار يبلغ ارتفاعه 122.5 متر. يتوج البرج بعمود مذهب يبلغ ارتفاعه 40 مترا في نهايته تمثال ملاك طائر يحمل بيده صليبا، يبلغ ارتفاعه 3.2 متر ويبلغ باع جناحه 3.8 متر، واستخدم اكثر من 8 كغم. من الذهب لطلائه. الكنيسة على شكل قاعة كبيرة مقسمة الى ثلاثة اجزاء مزخرفة جدرانها باعمدة متوجة. كما زينت القاعة برايات الاعداء وغنائم الحروب. الحاجز الايقوني مذهب وصنع خلال اعوام 1722 – 1726 بمدينة موسكو. البوابة القيصرية من البرونز، عدد الاجراس في برج الكاتدرائية 103 من ضمنها 31 جرسا سبكت عام 1757 . اغلقت الكاتدرائية عام 1919 ومنذ عام 1924 اصبحت متحفا . خلال اعوام الحرب الوطنية العظمى ( 1941 – 1945 ) تضررت الكاتدرائية بعض الشيء وفي عام 1952 انجزت عمليات ترميم الواجهات اما الترميمات الداخلية فانجزت عام 1957 . منذ عام 2000 تقام في الكاتدرائية الطقوس الدينية في المناسبات والاعياد. وزود برج الكاتدرائية بجهاز موسيقي ( كاريلون ) يتكون من مجموعة اجراس مرتبطة بلوحة مفاتيح وتنظم هناك بين فترة واخرى حفلات موسيقية.

تشبه قاعة الكاتدرائية من الداخل قاعة قصر كبير، حيث اللوحات الفنية التي ابدعها فنانون عظام تزين الجدران اما الحاجز الايقوني فصنع على شكل قوس النصر ويقابل المذبح منبر مذهب ومزين بتمثالين للرسل، اما مكان القيصر فمغطى بقماش مخملي قرمزي اللون يزينه تاج مذهب ومزخرف.

قرر بطرس الاكبر تحويل الكاتدرائية الى ضريح لسلالته الحاكمة، حيث دفنت فيها ابنة بطرس الاكبر عام 1708 . يرقد هنا كافة اباطرة روسيا ووافراد اسرهم باستثناء بطرس الثاني وايفان السادس.

منذ الانتهاء من بناء الكاتدرائية وحتى يومنا هذا لم تقام فيها مراسم الزواج والعماد.

- بيت الزورق – بعد انتهاء حرب الشمال التي انتصر فيها الاسطول الروسي على الاسطول السويدي، تذكر بطرس الاكبر زورقه الخشبي الصغير الذي كان يستخدمه للقيام بجولات في نهر ياوزا بموسكو وبحيرة بيرياسلافسكويه. الزورق هدية من العائلة المالكة البريطانية الى العائلة الحاكمة في روسيا. قرر بطرس الاكبر نقل هذا الزورق من موسكو الى بطرسبورغ، حيث تم ذلك عام 1723 . وضع الزورق تحت مظلة خاصة اقيمت في قلعة بطرس وبولس. لقد اطلق الناس على هذا الزورق الشراعي الصغير اسم " جد الاسطول الروسي ". في عام 1761 شيد جناح خاص بالقرب من برج اجراس الكاتدرائية ليحفظ فيه هذا الزورق وبذلك اصبح اول معروضات المتحف الكبير. الزورق حاليا معروض في المتحف البحري الحربي المركزي اما في بيت الزورق فتعرض نسخة طبق الاصل بمقياس 1 10 . وتقام في هذا البيت حاليا معارض مختلفة.

- بيت المهندسين – شيد هذا المبنى خلال عامي 1748 و1749 وبقي على حاله بدون تغيير حتى يومنا هذا. ويتكون البناء من مبنى محصن على شكل ( П ) والاخر مستودع يفصل بينهما ممر ببوابة. واجهات المبنى على طراز باروكو. كان المبنى مقرا للادارة الهندسية وورشة الرسم الهندسي وكذلك مسكنا للمهندسين الصغار وعوائلهم. يستخدم المبنى حاليا لاقامة المعارض المختلفة.

- مبنى الحرس – يتكون المبنى من طابقين باعمدة بيضاء اللون. كان المبنى في بداية الامر خشبيا وعلى مقربة من الكاتدرائية. وفي عام 1743 اعيد بنائه باستخدام الحجر ومن طابق واحد وفي عام 1708 شيد الطابق الثاني وزينت واجهته بالاعمدة البيضاء. المبنى حاليا مقر ادارة متحف تاريخ مدينة بطرسبورغ.
- بيت القومندان – شيد المبنى في اربعينات القرن الـ 18 ويقع مقابل الكاتدرائية مقابل مبنى الحرس. كان المبنى في بداية الامر خشبيا وكان قريبا من المدخل الجنوبي للكاتدرائية وكان قسمه الاكبر مخصص لسكن القومندان وعائلته. وكان قومندان القلعة ممثلا شخصيا للقيصر ورتبته اما جنرال او عقيد ومن الذين لهم خدمة طويلة في الجيش. كان المبنى مخصص اضافة الى سكن القومندان مقرا لادارته ومكانا لاستجواب المعتقلين السياسيين.

Posted in: سياحة